مقدمة:
يعتبر إدريس الأول هو مؤسس الدولة الإدريسية: كان المغرب الأقصى قبل ظهور الأدارسة يتكون من عدة
إمارات تتنازع حول الحكم، حكمها قوى مختلفة في الشمال والوسط والجنوب، ويتوزع سكانه بين اتباع
عدة ديانات سماوية وعبادة الأوثان.
تمكن المولى إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي
المنتسب للبيت النبوي الشريف من الوصول الى المغرب سنة 788م بعد
فشل ثورة الحسن بن علي سنة 787م (موقعة فخ)، وبايعته قبيلة أوربة الأمازيغية بمدينة وليلي، واميرها اسحاق بن محمد بن
عبد الحميد الأوربي، فوضع بذلك نواة أول دولة إسلامية مستقلة بالمغرب الأقصى، وهي
الدولة الإدريسية.
تطور الدولة الإدريسية: استمر حكم الدولة الإدريسية حوالي 130 سنة، ومر تطورها بثلاث مراحل:
• مرحلة التأسيس:
دامت 41 سنة، تبتدئ مع إدريس الأول (188م)، وتنتهي بوفاة إدريس الثاني (829 م) الذي استمرت فترة حكمه 26 سنة: فلما انتشر نبأ مبايعة الإمام إدريس في وليلى وفدت عليه مبايعة قبائل زناتة وزواغة وسدراتة وغياثة ومكناسة وغمارة وكافة البربر في المغرب الأقصى. وبعد أن بايعته هذه الجموع الغفيرة انطلق يجاهد لنشر الإسلام ومحاربة البدع الخارجة فجند جيشا من البربر وخرج غازيا بلاد تامسنا، ففتح مدينة شالة ثم اتبعها بسائر البلاد ثم فتح بلاد تادلا وبلغ ماسة، وقد استطاع الإمام ادريس خلال سنتين من نزوله في المغرب أن يبسط سيطرته عليه من مدينة تلمسان حتى المحيط الاطلسي واستقل به في وقت كانت فيه الدولة العباسية في أوج مجدها وعزها، فكانت أول ضربة توجه لها، واتسم حكم الإمام بالعدل والمساواة. وشعر معه سكان المغرب الاقصى بكرامتهم وإنسانيتهم في ظل إمام عادل من أهل البيت فانقادوا له انقيادا قل نظيره والتفوا حوله فشكل منهم جيشا كبيرا هدد به إفريقيا، هذه الأمور ترامت الى مسمع الخليفة العباسي في بغداد هرون الرشيد وهو الذي آل على نفسه ان يقضي على أهل البيت. فأرسل شخصا من حاشيته يدعى سليمان ين جرير الشماخ الذي استطاع بمكره اغتيال ادريس الأول سنة 793م.
وعند وفاته ولم يترك وريث كادت هذه الدولة أن تنهار، لولا إخلاص راشد الذي جمع رؤساء البربر لتنصيب حاكم للدولة، فثم اختياره حتى تضع زوجة ادريس فإن كان ولدا خلف أبيه وإن كانت بنتا بقي في حكمه. ولما وضعت كنزة كان ذكرا فقام بأمره راشد ولما بلغ سنه الحادية عشر تمت مبايعته في سنة 804م، بعدما استطاع بني العباس إغتيال راشد. وسار الامام ادريس سيرة والده فجدد تعاليم الدين واقام السنة فعز سلطانه وكثر أتباعه وتوافدت عليه وفود من العرب من الأندلس وإفريقيا، فرحب بهم ورفع منزلتهم وجعلهم بطانته واعتز بهم وأجزل لهم العطاء وعين منهم مجموعة من الوزراء وكون جهازا إداريا للدولة، وفي سنة 813 استولى على نفيس وأغمات وعلى تلمسان 815، ثم مات مغتالا سنة 828م.
• مرحلة القوة والازدهار:
دامت حوالي 30 سنة، حكم خلالها ثلاث
ملوك: محمد بن إدريس، علي بن محمد ويحيى بن محمد:
• مرحلة الضعف والانهيار:
دامت حوالي 59 سنة، حكم خلالها ثلاث ملوك: علي بن عمر، يحيى الثالث ويحيى الرابع.
بعد موت ادريس الثاني ترك اثنى عشر ولدا، نشب الصراع بين الاخوة على الحكم فبدأت بوادر الانهيار تلوح في الأفق وشجع ذلك الضعف على تدخل الأمويين والفاطميين في المغرب وتوجيههم للسياسة الادريسية لتنتهي هذه الدولة سنة 918م، وقد كان وراء ذلك عدة عوامل: تقسيم المملكة بين امراء العائلة المالكة ويعتبر المرحلة الأولى من مراحل انهيار الدولة، عدم قدرة الادارسة على السيطرة على السيطرة على أجزاء مهمة من المغرب، فالواقع أن المغرب لم يخلص كله الى الادارسة، فلئن استطاعوا ان يمدوا نفوذهم شرقا الى تلمسان، فقد كانت ناحية تامسنا خارجة عن ملكهم يتحكم فيها البورغواطيون بينما كان في سجلماسة بنو مدرار وبنو صالح في نكور، وبنو عصام في سبتة. هذا الوضع ساعد على تدخل الفاطميين في المغرب سنة 307م.
· أسس السلطان إدريس الثاني مدينة فاس (عدوة الأندلس) سنة 808م، على هضبة سايسن ثم بنى سنة 809 عدوة القرويين، وكان يفصلهما الوادي الكبير.
· ضمت مدينة فاس العديد من المساجد والفنادق والحمامات، كما أصبحت مركزا للتجارة والعلماء والفقهاء والأطباء، إلا أن أهم ما تميزت به هو جامع القرويين الذي بنته فاطمة الفهرية سنة 859م.
تعاريف ومصطلحات
زناتة: تجمع قبلي
أمازيغي يضم مغراوة وبني يفرن وبني مرين.
البيعة : تولية
المسلمين بالإجماع لخليفة أو سلطان يسير شؤونهم العامة استجابة لما يدعو اليه
الاسلام.
الإمارة: القيادة
والقيام بالأمور العامة، وهي مرتبة في السلطة تأتي بعد الخلافة.
تعليقات
إرسال تعليق