مقدمة
اقترن قدوم الحسن الذاخل من الحجاز الى المغرب بحركة
واسعة لرد الاعتبار الى الشرفاء تبناها المرينيون أما عن سبب قدومة فإن جماعة من
أهل سجلماسة قيل لهم أن تأتوا بشريف من الشرفاء حتى تصلح زراعتكم فقدموا الى
الحجاز في ينتع وذهبوا بالحسن الداخل في اواسط القرن 13م، ومن أولاده مولاي علي
الشريف الأول، الذي من أولاده مولاي علي الثاني جد العلويين وكان مولده سنة1587م.
ساهم تفكك المغرب في قيام الدولة العلوية
تولى السعديين الحكم بمساندة الزوايا وقد تمكن هؤلاء من
نشر نفوذهم على مناطق شاسعة وبعد وفاة أحمد المنصور 1603 إزداد النفوذ الديني
لمختلف الشيوخ نظرا للفوضى السائدة بالبلاد بل أصبحوا حكاما حقيقيين، وهذا التحول
من الشخصية الذينية الى حكاما محليين كان نتيجة لتطور طويل، ففي الريف الغربي ظهرت
عائلة آل نقسيس التي استقرت بتطوان وتزعمت الحركات الجهادية في البحر الأبيض
المتوسط أما في الريف الشرقي فقد إستقلت القيادات عن المخزن السعدي وظفر بمنطقة
الغرب العياشي الذي اشتهر بحركاته الجهادية ضد الاسبان الموجدين بالمعمورة والعرائش.واستمرت
سلطة العياشي الى أن وصل الدلائيين الى منطقة الغرب، ثم ظهر بهذه المنطقة الخضر
غيلان، أما بالمنطقة الوسطى الجنوبية فقد ظهرت مجموعة من الحركات الدينية كالزاوية
الدلائية في الوسط، والزاوية السملالية بسوس، حركة أبي محلي بتافيلالت.
الزاوية الدلائية :
ينتسب الى قبيلة آيت مجاط الصنهاجية التي كانت مستقرة خلال ق15 بالمجرى
الأعلى لملوية، لكن أحد أجدادهم هاجر واستقر بنواحي خنيفرة بزاوية آيت اسحاق، وفي
سنة 1566 أسس أبي بكر بن محمد بن سعيد، زاوية هناك وأصبح لها نفوذ في الاطلس
المتوسط وسرعان ما ذاع صيتها وتكاثر أتباعما لمختلف الأدوار التي تقوم بها والدور
الرئيسي هو التحكيم، وقد بقي هؤلاء يدعون للسعديين الى حوالي 1636، حيث أخذت
الزاوية في الاستقلال فسيطرت على المنطقة الوسطى،وتحكمت في الطريق التجاري الرابط
بين فاس ومراكش، ومن أجل إيجاد منفذ على البحر أخذت في التوسع نحو الغرب فسيطرت
على سلا بعد إغتيال العياشي 1641 ثم سيطرت على فاس ومكناس،فأصبحت لها مداخيل مهمة
من التجارة وكذلك من الجهاد البحري، وقد استطاع الدلائيون الحفاظ على قوتهم الى
حدود 1656، حيث أخذت الزاوية في الانهيار وذلك لاسباب مختلفة كتقسيم السلطة بين أبناء
محمد الحاج وما رافق ذلك من تخاذل وتهاون الى جانب ما عرفه المغرب من إجتياح
الطاعون والأوبئة، هذا دون أن ننسى عامل حاسا، الا وهو صعود قوة سياسية جديدة
تمثلت في العلويين بتافيلالت.
الحركة العياشية :
تعتبر هذه الحركة حركة نمودجية في القرن 17، وقد قام العياشي بتنظيم
العديد من الحركات الجهادية ضد القوى الإيبيرية في السواحل المغربية، وكانت في
أولها موجهة ضد البرتغاليين بالجديدة، مما كان السبب في إكتسابه شهرة في المنطقة
الغربية الأمر الذي جعل المولى زيدان يعينه حاكما على أزمور، لكن سرعان ما سوف
يرغب هذا في التخلص من العياشي فإستقر هذا الأخير بسلا، وشن مجموعة من الغارات على
الإبيريين الموجودين في العرائش والمعمورة، لكن سيتم إغتياله في ظروف غامضة
سنة1641 وبذلك خضعت منطقة الغرب لسيطرة الزاوية الدلائية.
أبي محلي :
إستغل أبي محلي حادثة تسليم المامون العرائش للإسبان، لإجراء اتصالات مع زعماء بعض
القبائل وعلماء المغرب للدعوة لإلغاء المشروعية السعدية، فكون جيشا من سكان الاطلس
الكبير وعرب شراكة فسيطر على منطقة تافيلالت سنة1611 ثم على درعة، وتحرك في اتجاه
مراكش فسيطر عليها، وفر المولى زيدان منها متجها الى سوس، فإستقر أبو محلي بالقصور
السعدية وتزوج أرملة أبي فارس وكون حاشية من المستشارين ورجال الدولة وسك عملة
ذهبية بإسمه وقام بتنظيم حملة عسكرية ضد آسفي لإيجاد منفذ على البحر وبأحواز
المدينة استقبل التجار الأوربيين ووعدهم بتكثيف المبادلات التجارية،
أما المولاى زيدان فقد إلتجا الى سوس طالبا مساعدة الشيخ سيدي عبد المنعم الحاحي،
فوقعت معركة1613م قتل فيها ابي محلي وتفرق أتباعه وانتهت حركته، وبعد القضاء على
أبي محلي دخل يحي بن عبد المنعم الحاحي الى مراكش وإستقر بالقصر الملكي، إلا أن
الجنود المرافقين له غادروا المدينة للعودة الى سوس مما اجبره على تسليم المدينة
للمولى زيدان وذلك بشروط، وبعد عودة ع المنعم الى سوس وجد أن أغلب المناطق أصبحت
تحت سيطرت شيخ زاوية تازروالت سيدي علي ( أبو حسون) فدخل يحي في صراع مع ابو حسون
ومع المولى زيدان الذي لم يلتزم بالشروط، وتمكن يحي من طرد المولى زيدان من مراكش،
لكن تم إغتياله في سوس تمت مبايعة ابو حسون فسيطر على اكادير وربط علاقات تجارية
مع الأوربيين وتمكن من السيطرة على منطقة السوس بأكملها وعلى درعة وتافيلالت
لأهميتها الاستراتيجية والإقتصادية. وإستقر فيها الى غاية 1629 وفي هذه السنة غادر
تافيلالت عاد الى سوس وبإخضاعه الجنوب اصبح يراقب التجارة القفلية،وقام ببناء
عاصمة جديدة هي إيليغ سنة 1630 إلا أن مغادرته لتافيلالت خلف فراغ سياسي بالمنطقة
وشجع الدلائيين على الزحف نحوها، وفي سنة 1631 تمت مبايعة المولى الشريف فأصبح
الصراع ثلاثيا بالمنطقة.
تمت مبايعة المولى الشريف في ظل ذلك الإنقسام السياسي
الذي كانت تعرفه المغرب، وكانت منطقة سجلماسة في عهده خاضعة لنفوذ أبي حسون أمير
سوس وسائر الجنوب،فعمل هذا الأخير على القبض على الشريف، فافتداه ولده المولى
امحمد بالمال، وبعد عودته زهد في الملك وتفرغ للعبادة حتى توفي سنة1658م، وترك
الأمر لولده الذي عمل على القضاء على بي حسون، غير أنه سينشب خلاف بينه وبين أخوه
المولى رشيد انتهى بقتل الأول سنة 1664م, هذا الأخير أخضع كل المغرب الشرقي
لسلطته، ثم استولى على فاس سنة1665 ، كما استطاع القضاء على آل نقسيس وعلى الخضر
عيلان، وفي سنة 1668 هاجم الدلائيين واستولى على زاويتهم وطمس معالمها، وفي 1669
فتح مراكش، فتوافدت عليه مجموعة من البيعات من سائر انحاء المغرب.
تعاريف ومصطلحات:
شخصية المولى اسماعيل :
تمت مبايعته سنة 1672 ومان عمره 26 سنة، وقد تلقى بيعة الوفود من مختلف
الاقاليم، غير أن أهل سجلماسة عملوا على مبايعة ابن أخيه أبو العباس أحمد بن محرز
ثم التفت عليه طوائف عرب السوس ومراكش، فنهض المولى اسماعيل الى محاربته في مراكش فانتصر عليه ودخل مراكش
1672 ثم قفل الى مكناسة، وفي هذه الأثناء قامت فاس بالثورة وقتل قائدها ولما نهض
اليها المولى اسماعيل استنجدت بأبي محرز فحاربه السلطان ثم فر الى الصحراء فدخلت
فاس في طاعته، ثم رجع الى مكناسة وشرع في بناء القصور بني السور وجلب اليها الصناع
سنة 1673،وفي 1674 دخل ابن محرز مراكش فعزم السلطان على محاربته، فكان اللقاء في
وادي العبيد فانهزم ابن محرز وفتح السلطان مراكش1676، ثم شرع في تكوين جيش
الودايا،وكان السبب في جمعه أن السلكان لما دخل مراكش اقام بها، ثم خرج للصيد
بالبسيط المعروف بالبحيرة من أحواز مراكش، فرأى أعرابيا يرعى غنما له
فسأله عن نسبه، فأخبره أنه من قبيلة من عرب معقل بالصحراء وأخبره بأنهم دخلوا من
بلاد القبلة، فقال له السلطان أنتم أخوالي وسمعتم بخبري ولم تأتوني، والآن أنت
صاحبي واذا رجعت بغنمك الى خيمتك فاقدم علي الى مراكش، واوصى به من يوصله اليه، ثم
بعد أيام قدم إليه فكساه وحمله وبعث معه خيلا يجمع بها اخوانه من قبائل الحوز،
فجمع من وجد منهم وجاء بهم الى السلطان فأبتهم بمحلتهم الى مكناسة الزيتون مقر
الخلافة.
جيش عبيد البخاري :
كان جيش عبيد البخاري من أعظم جيوش الدولة العلوية، وكان السبب حسب ما
وجد في كناس الدولة الاسماعيلية ووزيرها الأعظم أبي العباس احمد اليحمدي أنه عندما
دخل المولى اسماعيل مراكش أتاه الكاتب أبو حفص عمر بن قاسم المراكشي المدعو
عليليش، وكان والده كاتبا مع المنصور السعدي، واطلعه على دفتر فيه أسماء العبيد
الذين كانوا في عسكر المنصور،فسأله السلطان هل بقي منهم أحد ؟ قال نعم كثير منهم
ومن أولادهم، فأمره السلطان بجمعهم فثم جمع ثلاثة آلاف مقاتل، ثم كتب الى السلطان
وأمره بجلبهم الى مكناسة، فأعطاهم السلطان السلاح وولى عليهم القواد. ثم عمل
السلطان على جمع العبيد من مختلف أنحاء البلاد، فتأتى له جمع ثلاثة آلاف اخرى،
فكساهم وسلحهم وبعث بهم الى المحلة بعد أن عين لهم قوادهم، ثم جمع محمد بن العياشي
حوالي2000 من العبيد فأمره السلطان بكسوتهم وتسليحهم وأن يعين لهم قوادهم ويبعث
بهم الى المحلة، فصار المجموع ثمانية آلاف، ثم الزم السلطان قبائل تامسنا ودكالة
أن يأتوا بعبيد المخزن الذين عندهم فلم يسعهم الا الامتثال، فجمعوا كل عبد في
بلادهم واعطوهم الخيل والسلاح وبعثوا بهم اليه.وفي سنة1678م وصل عدد الجيش أربعة
عشر ألفا، وتناسلوا وكثروا حتى ما مات السلطان الا وقد بلغ عددهم مائة وخمسين
ألفا. أما سبب تسميتهم بعبيد البخاري فإن السلطان رحمه الله لما جمعهم وظفر بمراده
بعصبيتهم حمد الله تعالى وأثنى عليه، وجمع أعيانهم وأحضر نسخة من صحيح البخاري
وقال لهم " أنا وأنتم عبيد لسنة رسول الله (ص) وشرعه المجموع في هذا الكتاب،
فكل ما أمر به نفعله وكل ما نهى عنه نتركه وعليه نتقاتل ".
تحرير الثغور المحتلة :
استولى البرتغال على طنجة سنة 1471 بعد أحمد المنصور أصبحت طنجة هدفا للمقاومة الشعبية ومنهم العياشي، ثم الخضر غيلان. وفي سنة 1661 سلمت البرتغال طنجة الى إنجلترا التي قامت بتحصين المدينة ومع نمو قوة العلويين أصبح على الخضر غيلان مقاومة الزحف العلوي لكن تمكن المولى اسماعيل من قتله سنة 1673 وفي 1679 نظم هجوم على طنجة واستطاع الاستيلاء عليها بعدما فر منها الانجليز سنة 1684.
المهدية (المعمورة): احتلها البرتغال 1515 ودخلت تحت النفوذ الاسباني 1613 حاول العياشي فتحها لكنه فشل وفي 1681 تمكن المولى اسماعيل من السيطرة عليها.
العرائش : كان المامون قد سلمها الى الاسبان 1610 وفي 1698 عمل المولى اسماعيل على فتحها. أصيلا : إحتلها الاسبان سنة 1581 وفي سنة 1691 فتحها السلطان وغادرها أهلها وثم اعمارها بأهل الريف. سبتة : حاصرها مرتين من 1673 الى 1689 ومن 1694الى وفاته 1727.
شراكة : لقب
لعرب بادية تلمسان ومن انظاف اليهم، وسموا بذلك لأنهم في جهة الشرق عن المغرب
الأقصى.
الزاوية
:مؤسسة دينية واجتماعية برز دورها الجهادي بشكل واضح عند تهديد الاسبان
والبرتغاليين للثغور المغربية منذ أواخر القرن 15م.
السملاليون : ينتمون لقبيلة سملالة بالأطلس الصغير، أسسوا زاويتهم بزعامة الشيخ سيدي
أحماد أو موسى وبدأ نفوذها السياسي يتسع منذ 1603م.
تعليقات
إرسال تعليق