القائمة الرئيسية

الصفحات

 




مقدمة 

نشأت حضارة بلاد الرافدين شمال شرق حوض البحر المتوسط على نهري دجلة والفرات، فسميت باسم الرافدين. نشأت حضارة بلاد الرافدين شمال شرق حوض البحر المتوسط على نهري دجلة والفرات فسميت باسم الرافدين. تميزت هذه المنطقة بخصوبة التربة الناتجة عن فيضانات تحري دجلة والفرات.

إن القسم الجنوبي من بلاد النهرين تشكل تدريجيا نتيجة امتلاء الطرف ش من الخليج العربي برواسب دجلة والفرات، فانحسرت مياه الخليج نحو الجنوب تاركة وراءها سهلا مستنقعا. وقد ظلت إبان العصر ح ق (الباليوليتيك) عبارة عن مستنقع دائم تنتشر فوقه سحائب من البعوض والذباب.

 ولم تكن الحياة مستطاعة فيه للإنسان فحتى الآن لم يكتشف العلماء في تلك المنطقة شيئا من أدوات العصر الباليوليتي. فقط في فترة العصر الحجري الحديث النيولتيك) أو على الأغلب في أواخره، أخذ سكان المرتفعات المجاورة ينفذون إلى جنوب بلاد النهرين بأعداد كثيرة مضطرين للارتحال إلى تلك المنطقة الصعبة نتيجة نفاذ الاحتياطيات الغذائية أو مهاجمة الاعداء . وكان العمل الرئيسي للسكان يقتصر على الصيد وخاصة السمك ثم نشأت على نطاق ضيق فلاحة الأرض عن طريق قطع صغيرة من الأرض بين المستنقعات والبحيرات حفرت وزرعت بالحبوب كما نشأت تربية الحيوانات كالخنازير والثيران التي استعملت فيحرث الأرض ، وبذلك حصل تطور في قوى الإنتاج من حفر الأرض بالمعزقة إلى الفلاحة بالمحراث.

 وفتحت امكانية استصلاح مساحة زراعية أوسع، فكان من الضروري الاستيلاء على هذه المساحة من الطبيعة فتطلب الأمر بتجفيف المستنقعات ولحماية الحقول من فيضانات دجلة والفرات وإيجاد ماء احتياطي الأوقات الجفاف كان من الضروري أن تشق القنوات وتقام ألسدود وقد أدى التطور الزراعي إلى تزايد سريع في عدد السكان اذ عرفت هذه البلاد مجموعة من الهجرات البشرية فمن المشرق توافد عليها السومريون الذين تحدثوا بلغة من الصعب أن نعيدها إلى إحدى الأسر أللغوية ومن الغرب والشمال الغربي فقد نفذت إلى بلاد النهرين القبائل السامية التي كانت تستوطن الجزيرة العربية وشمال أفريقيا وقد أطلق على الموجة السامية الأولى اسم الأكاديين نسبة إلى مدينة أكاد أما لغتهم القريبة من العربية القديمة فقد أصبحت تسمى اللغة الأكادية. وبتطور أعمال الري بدأت الأسر تتحد فيما بينها لإقامة بعض المشاريع كبناء السدود وشق القنوات، وتدريجيا أخذت تظهر بعض المجموعات الفلاحية بدأت بعض الأسر داخلها تستأثر بأحسن الأراضي، وتمتلك العبيد وتكدس الأملاك، هكذا برزت طبقة من نبلاء وأشراف القبائل تستولي على السلطة والثروة.

 

في مطلع الألف الثالث قبل الميلاد نجد بضع عشرات من دول المدن، ومدن تلك الفترة كانت عبارة عن قرى اتحدت وشكلت عدة أحياء تدير نفسها بنفسها، وفي وسط كل حي وجد معبد للإله المحلي. إن عملية الانتقال من مرحلة القبلية إلى مرحلة الدولة، كانت عملية طويلة وتدريجية شملت زمنا من منتصف الألف الخامس حتى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، أي مرحلة العصر الحجري النحاسي، وقد عرفت عدة حضارات:

حضارة طور العبيد:

 التي امتازت باستعمال الأدوات الحجرية وجزئيا الأدوات الفخارية، ووجدت فؤوس من النحاس المطروق وغيرها من الأدوات النحاسية، ولكن بكميات قليلة، كما يلاحظ ايضا الانتقال من حياة الصيد إلى الزراعة البدائية وتربية الحيوانات وساد استعمال الأواني الفخارية المزينة بالرسوم والزخارف الملونة.

 

حضارة طور الوركاء:

(النصف 2 من الألف الرابع ق.م) تظهر لأول مرة في تاريخ العالم دواليب العجلات التي تجرها الحمير كما استعملت ايضا القوارب النهرية. أما الأواني الفخارية في هذا الطور فتصنع بأعداد ضخمة بقصد تجارة المبادلة، كذلك تظهر مباني كبيرة من الأجر ونوع من العمارات المدرجة، ويعود إلى تلك الفترة ايضا نشوء الكتابة التصويرية البدائية .

حضارة طور جمدة نصر:

( مطلع الألف الثالث ق.م) يلاحظ تطور أكثر في الانتاج والحضارة، إذ تدل مخلفات تلك الفترة على انتشار النحاس بشكل أوسع، وكذلك بناء المدن وتقوية العلاقات مع البلدان المجاورة، وإتقان الكتابة التصويرية.

وقد كشفت التنقيبات في موقع مدينة أور القديمة عن وجود قبور ملكية تعود إلى سنة 2500 ق م ومليئة بمصوغات من الدرجة الأولى موضوعة إلى جانب جثث الملوك والملكات ومن بينها رأس ثور ذهبي له لحية زرقاء. وبعد نشوء عدة مدن في بلاد النهرين جرت عدة حروب بينها من أجل السيطرة السياسية على كل البلاد، أو بالأقل على القسم الأكبر منها. صراع دول المدن: لقد كان التنافس شديدا بين مدن بلاد النهرين وخاصة مدينة أور و أوروك في الجنوب ومدينة لاغاش، وکیش، وماري إلى الشمال منها. في أول الأمر بلغت مدينة كيش درجة كبيرة من القوة، ولكن في ق 27 ق م قام ضدها حاکم مدينة اوروك فأحرز نصرا عظيما على جيش مدينة كيش، ثم حقق لمدينته مكانة بارزة في البلاد، فيما بعد برزت مكانة مدينة أور لفترة وجيزة، ثم في ق 25 برزت لاغاش إذ سيطر حكامها على مدن المنطقة الجنوبية من بلاد النهرين مثل أور وأوروك وغيرها، ثم دخلت لاغاش في صراع مع مدينة أوما المجاورة فتدعمها مدينة كيش، لكن حاکم لاغاش إياناتوم استطاع أن يحرز النصر على أعداءه، ثم أمر بتخليد انتصاره على لوحة رائعة تعرف باسم (نصب العقبان) وقد رسمت عليها أرض المعركة تتخللها جثث الأعداء التي تمزقها الطيور الوحشية.

في السنوات اللاحقة عمل حاکم لاغاش على الاستيلاء على أراضي المعابد كما خفض حصة عمال تلك الأراضي من المواد الغذائية، كما فرض على الفلاحين الفقراء حصة من محصولهم كضريبة للسلطة الحاكمة، فأدى ذلك إلى انقلاب استولت بموجبه الجماهير الشعبية على السلطة فتمت بمجموعة من الاصلاحات كإلغاء بعض الواجبات والضرائب على الفلاحة، لكن رغم هذه الاصلاحات فان سلطة اوروكاحينا لم تدم طويلا ففي العام السابع من حكمه لقي فشلا ذريعا على يد ملك مدينة أوما ويدعی لوغال زاغیزي وفقد معظم المناطق الخاضعة له.

 

 الدولة الاكادية : 

رغم النصر الذي حققه لوغال زاغیزي فإن إمبراطورتيه سرعان ما انهارت على يد الاكاديين، فبعد استلائه على کیش قام أمير من امرائها (سارجون) نهاية ق 24 ق م بعد ملکه المهزوم وترأس النضال ضد السومريين وأسس عاصمة جديدة أكاد) التي باسمها دولة الأكاديين وراح يجهز الجيوش للقضاء على السومريين. وفي نهاية المطاف خاض سارجون حربا حاسمة مع لوغال زاغيري وانتصر عليه فسقطت سومر تحت سلطة الاكاديين، وهذا استطاع سارجون توحيد شمال و ج بلاد النهرين في دولة واحدة (الأكادية) وقد عرفت هذه الدولة تطورات اقتصادية واسعة فقد أصبحت مشاريع الري تنظم فيضانات الانتحار الكبرى تنتشر في طول البلاد وعرضها مما ساعد على زيادة المحاصيل .. وقد بلغت الدولة الأكادية قمة ازدهارها في عهد نارام سين الذي قام بحملات ناجحة إلى بلاد عيلام (شرقي بلاد النهرية) ووصل إلى ارمینیا ورما وصل إلى مصر وأقام علاقات معها فقد تم العثور على بقايا أواني رخامية من مصر في أكاد . انهيار الدولة الأكادية واحتلال الغوتيين بلاد النهرية. رغم استمرارها حوالي 120 سنة تعرضت الدولة الأكادية حوالي عام 2200 ق م إلى التدمير على يد محاربين جبليين أتوا من الشرق هم الغوتیون وقد كان هؤلاء قليلي العدد نسبيا، ولكي يؤمنوا سيطرتهم على بلاد أكثر منهم تطورا في النواحي الاجتماعية والاقتصادية لجأوا إلى عقد اتفاقيات مع بعض مدنها. إذ أصبحت الاغاش السومرية مركزا لهم وقد عرفت هذه الأخيرة ازدهارا كبيرا في النصف الثاني من ق 22 ق م تحث سيادة الغوتيين لكن وإن كانت بعض المدن الأخرى الخاضعة للغوتيين أبدت مقاومة للمحتلين، وترأس التمرد الناشئ ضد الغوتيين في نهاية ق 22 ق م مدينتا أور و أوروك.

وهكذا وفي عام 2108 ق م لقي الغوتیون فشلا تاما وطردوا من البلاد، فاتحدت بلاد النهرين مرة ثانية بزعامة أور الثالثة التي حکمت حتى نهاية الألف الثالث ق م وقد أطلق ملوك هذه السلالة على أنفسهم ملوك سومر واكاد وفيما بعد "ملوك جهات الأرض الأربعة" مما يدل على ادعائهم سيادة العالم، كما سموا أحيانا آلهة، وقد قام هؤلاء بعدة حملات نحو الغرب على سوريا، ونحو الشرق على عيلام، وفي ش أخضعوا إلى نفوذهم بلاد آشور، وقد تطورت في عهدهم التجارة الداخلية والخارجية ويلاحظ ايضا تطور في قوى الإنتاج خاصة بانتشار الادوات البرونزية مكان الأدوات الحجرية والنحاسية السابقة. غير أن هذه الدولة لم تستمر طويلا كالدولة الاكادية ففي نهاية ق 21 ق م تعرضت للانهيار حيث هاجمتها القبائل السامية الأمورية من الغرب، كما هاجمها في نفس الوقت العيلاميون من الشرق.

 

 الدولة البابلية القديمة:

على امتداد قرنين ونصف بعد سقوط سلالة أور الثالثة، يلاحظ في بلاد النهرين تزايد في تصارع القوى والانقسام السياسي والحروب الداخلية، فقد أسس الأموريون عدة دول ظهرت من بينها دولتان قويتان أطلق حكامها على أنفسهم ملوك سومر وأكاد أي أدعوا السلطة على كل البلاد، هاتان الدولتان هما إيسن ولا رسا اللتان بصراعهما أنهك كل منهما الآخر فلم يستطيعا تحقيق ما ادعاه ملوكهما، وأخيرا تنهض مدينة كتب لها في المستقبل أن نصبح لقرون عديدة المركز الرئيسي في وادي دجلة والفرات وأن تفوق ببهائها وروعتها مدنا أكثر منها قدما، هذه المدينة هي بابل (باب ایلو= بوابة الاله). فحتى القرن التاسع عشر ق م لم تلعب بابل دورا ساسيا مستقلا لكن فيما بعد تصاعدت قوقا على حساب تدهور مدن محاورة کیش وأكاد. من سنة 1894 وحتى 1595 ق م تولى الحكم في بابل سلالة مستقلة وتمارس سياسة خارجية نشيطة ساعية لتوحيد حوض دجلة والفرات تحت سلطتها. وبلغت درجة كبيرة من القوة في عهد حمورابي (1792-1750 ق م) الذي استطاع استغلال النزاع بين جيرانه، ليقيم اتحاد مع دولة ماري الغنية والمسيطرة على الطريق التجارية المؤدية إلى ضفاف البحر الابيض المتوسط. فأمن بذلك حدوده الشمالية، ثم عمل على احتلال ماري وتدميرها.

وهكذا تنشأ مملكة بابلية واسعة تضم القسم الأكبر من بلاد النهرين. احتلال الكاشيين بلاد بابل في عهد خلفاء حمورابي ضعفت السلطة المركزية من جديد في الدولة البابلية وتعرضت لهجومات من طرف شعوب آسيا الصغرى كالحتيين والكاشيين.

 كان هجوم الحثيين على بابل 1595 ق م عبارة عن غارة تدميرية مؤقتة فإن الكاشيين توغلوا في بلاد بابل تدريجيا ولكن بثبات وفي منتصف الألف الثاني ق م توطدت في الحكم سلالة كاشية في بابل 1204-1518 ق م وشكل المحتلون طبقة مسيطرة من الأمراء العسكريين الذين زاحموا العسكريين البابليين ودفعوا بهم إلى المرتبة الثانية .

غير أن سيطرة هؤلاء على البلاد رافقه تأخر ملموس فهي سيطرة محاربين جبليين على بلاد ذات حضارة زراعية راقية، لكن ومع ذلك بدأو يستخدموا على نطاق واسع البغال والخيول التي لم تكن معروفة كذلك حدث تطور في بعض الأدوات الزراعية.

 

- تعرضت للاحتلال الأشوري والفارسي ما بين 1100 و300 ق.م مرت الكتابة المسمارية من المرحلة التصويرية إلى مرحلة الترميز، وبفضلها خلف سكان بلاد الرافدين ثراثا أدبيا وفنيا زاخرا، كما ألفوا بها عدة أساطير أهمها ملحمة گلگامش.

 تعاريف ومصطلحات

 وضع حمورابي عدة قوانين تنظيمية: يعتبر قانون حمورابي من أهم القوانين المدونة التي عرفتها بلاد الرافدين بعد الألف الرابع ق.م مثل قانون اورنامو وقانون أوركاغينا.

المن: المن الواحد يساوي تقريبا 500 غرام.

 أورنامو: من حكام السلالة الثالثة، حكم مدينة أور ودون قوانين دولته.

أوركاغينا: حكم مدينة لكش حوالي 2900 ق م وسجل القوانين.

الحضارة: كل ما يخلفه شعب ما في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والسياسية والفكرية، وهي مرتبطة بالاستقرار وتحدد مختلف طرائق العيش والقيم والمعتقدات والتقنيات، وكذا التنظيم الاقتصادي والاجتماعي لشعب ما.

الهلال الخصيب: أراضي خصبة على شكل هلال تمتد من الخليج العربي حتى مصر العليا.

الشعوب السامية: شعوب تتكون من أجناس يعود اصلها إلى سام بن نوح.

 

 

 

تعليقات