القائمة الرئيسية

الصفحات

المغرب القديم : الممالك الأمازيغية ومقاومة الرومان

 



مقدمة:

 نتيجة لتنامي سياستها وأطماعها التوسعية، تخوفت قرطاجة من تقدم الرومان نحو صقيلية، رغم أن الطرفين كانت تجمع بينهما معاهدات واتفاقيات فنشب الصراع بينهما، وقد اضطرت روما ذات القوة البرية أمام الأسطول القرطاجي الى تجهيز أسطول ضخم من 170 سفينة، واستمرت الحرب البونيقية الأولى حوالي عشرين سنة (264-241 ق.م) تبادل فيها الطرفان النصر والهزيمة، وتولي حنبعل بعد مقتل أبيه قيادة الجيش وبسط نفوذه في اسبانيا، وهو ابن 26 سنة، فاندلعت الحرب البونيقية الثانية والتي دامت ما بين (218-201ق.م) قرر حنبعل نقل الحرب إلى أراضي ايطاليا فقام بحملته الشهيرة انطلاقا من اسبانيا. قضي خمسة أشهر في طريقه عبر جبال الألب، فقد فيها نصف جيشه وظل معزولا في ايطاليا ينتظر الدعم لمهاجمة روما، غير أن السلطة في قرطاجة لم تعمل على إسناده، وفي المقابل تمكن احد الجنرالات الرومان من دحر الحامية القرطاجية في اسبانيا وقرر نقل الحرب نحو أراضي قرطاجة لإرغام حنبعل على الجلاء عن ايطاليا لانقاد قرطاجة وبالفعل نجحت الخطة، حيث طلب القرطاجيون من حنبعل العودة لإفريقيا، ودارت المعركة الحاسمة عند مدينة زاما202 ق.م ازمت فيها قرطاجة بفعل دعم الأمير النوميدي مسنيسا للرومان، و اضطرت قرطاجة إلى التوقيع على معاهدة سلام كانت بنودها مذلة لها، ومع ذلك ظلت قرطاجة مصدر تخوف لروما، فاتخذ مجلس الشيوخ قرار القضاء على قرطاجة بصفة نهائية، فاندلعت الحرب البونيقية الثالثة (149-146 ق.م) تمكن القرطاجيون من الصمود ثلاث سنوات لكن في الأخير ثم اختراق قرطاجة وتخريبها وإضرام النار في أرجائها ونثر الملح على الأرض كي لا تنتج واعلنت أرض قرطاجة أرضا ملعونة لكي لإيعاد إعمارها.

كانت افريقيا الشمالية خلال القرن الثالث مقسمة إلى الأقسام التالية:

- الجمهورية القرطاجية: التي كان يسكنها القرطاجيون، وحدودها لاتتعدى حدود الجمهورية التونسية الحالية.

 - نوميديا وكانت تنقسم إلى قسمين: نوميديا ش أو ماسولة ونوميديا غ أو مازیسولة .

 - موريطانيا: وهي المنطقة الممتدة من وادي ملوية إلى المحيط الأطلسي ومن البحر الأبيض المتوسط إلى الأطلس الكبير أي الجزء الشمالي من المغرب الأقصى.

- جيتولة: وتمتد جنوب المناطق السابقة ناحية الصحراء.

 وكانت نوميديا غ عبارة عن مملكة يحكمها ملك يدعی صیفاکس ولم تكن العلاقة بينه وبين قرطاجة حسنة، ولذلك اغتنمت روما الفرصة فعرضت عليه أن يكون حليفا لها أما نوميديا ش فكان يحكمها ملك هو كايا وقد طلبت منه قرطاجة أن يكون حليفا لها ضد الرومان وضد حليفهم صيفاكس، وقد قامت الحرب بين قرطاجة وكايا من جهة وصيفاكس من جهة أخرى فانهزم صيفاکس لكنه عقد صلحا مع القرطاجيين، وبذلك استرجع مملكته ولما تولى الحكم ماسينسا ابن كايا حالف الرومان ضد صيفاكس الذي تحول إلى حليف لقرطاجة، وقد انهزمت القوات القرطاجية ومعها حليفها صيفاکس أمام قوات ماسينسا الذي اصبح ملكا على مجموع نوميديا، ولما توفي تدخلت روما 148 ووزعت المملكة بين ابناءه وقد تميز في هذه الفترة ابن ماسينسا الملك مسيبسا غير انه إضطر أمام ضغوط روما ليفسح المجال لابن اخيه في ولاية العهد الذي كان يسمى يوغورطة. 

وقد استطاع توحید نوميديا من جديد سنة 112 واخضعها لحكمه، فحاربته روما بعدما استشعرت بقوته القادمة، فكبدهم عدة هزائم. لكنه بعد سبع سنوات من المعارك الحزم والتجأ إلى موريطانيا عند ملكها وصهره بوخوس، فتابعته الجيوش الرومانية وحصلت مفاوضات بين روما وبوخوس لتسليم يوغرطة مقابل ثلث نوميديا فثم القبض على يوغرطة وتسليمه للمشنقة في روما سنة 105 ق.م، وهكذا تحول جزء من نوميديا الى ولاية رومانية بينما أعطي الجزء الغربي منها للملك بوخوس، وبعد موت هذا الأخير قسمت مملكته بين ابنيه بوخوس الثاني وبوغود، وفي سنة 33 ق.م، مات بوخوس دون أن يترك خلفا له دخلت موريطانيا في فترة شغور العرش (2533) فحكم الرومان المملكة مباشرة وأنشأوا بها مستعرات، لكنهم في سنة 25 ق.م أعطوا المملكة لشاب بربري تربي وتعلم في روما هو يوبا الثاني، وقد سمي هذا الأخير مدينة شرشال قیصارية تعظيما ليوليوس قيصر، وجعل منها عاصمة لمملكته، وقد حكم يوبا الثاني إلى سنة 23 م.

 يوبا الثاني (25ق.م -23م) : ابن الملك يوبا الاول ملك نوميديا، أسر وهو طفل صغير بعد انتزام والده وإنتحاره سنة 46 ق.م فنقل إلى روما وثم تربيته تربية رومانية . لما بلغ 25 تم تنصيبه على موريطانيا. وقد طبق عبارة صديق الشعب الروماني وبذل كل ما في وسعه لحماية الإقليم والمستوطنات الرومانية، وتجلى ذلك في محاربته لعدة ثورات محلية لعل أبرزها ثورة تاكفاريناس 17م-24م وهو من أهم القادة النوميديين، نشأ في أسرة نبيلة ذات نفوذ كبير، جند في السادسة عشرة في الجيش الروماني، واكتسب اثناء عمله تجربة عسكرية كبيرة، لكنه سيفر من الجندية بعد أن رأى ظلم الرومان الذي كان يمارس ضد الأمازيغيين، فكون جيشا نظاميا على الطريقة الرومانية، وتزعم المقاومة ضد الرومان 17 إلى 24م. وقد توفي يوبا 2 قبل إخماد ثورة تاكفاريناس التي دوخت الرومان طول سبع سنوات، فقد شن هذا القائد حربا على المدن والقرى الخاضعة للرومان وامتدت حركته من موريطانيا إلى خليج السرت، مما جعله يضغط بقوة ويطالب الامبراطور بتسليمه الأراضي، غير أن الرومان استطاعوا الظفر به وقتله سنة 24م. لتنتهي ثورته.

بعد ذلك التزمت المصادر الصمت حيال أوضاع موريطانيا بحيث تبدو هادئة وملكها بطليموس ينعم بتمرات ذلك الاستقرار الى غاية 40 م التي شهدت اغتياله من طرف الامبراطور كاليغولا. وبذلك اندلاع ثورة جديدة بزعامة ايدمون.

بطلمیوس: ولد سنة 6 ق.م تربى في بيت ملكي، حكم ما بين (23 -40 م).

 ثورة ایدمون: بوصول خبر اغتيال بطلميوس الى مسامع الامازيغ انفجر غضبهم، وأعلنوا الثورة بزعامة أيدمون الذي كان أكبر المقربين إلى الملك، زقد انطلقت هذه الثورة من وليلي وسرعان ما اتسعت رقعتها، وبلغ العنف فيها درجة كبيرة ، وحسب الباحثين فإن الثوار تعرضوا لهزيمة قبيل وفاة الملك، وكانت هذه الهزيمة بمثابة ثورة قصيرة الأمد، لكنه لا يوجد نص صريح حول وفاة أيدمون ، فرغم هذه الهزيمة فقد سجلت سنة 41 استمرار توتر الوضع في موريطانيا، وتلتها حروب عنيفة لم تقل خطورة عن تلك التي خاضها ایدمون، وحسب المصادر فإن سويطونيوس باولينوس قام سنة 42 بحملة كبيرة هاجم فيها الموريين حتى جبال الأطلس، ورغم قوة الرومان فإن السكان تابعوا ثورتهم بالمناطق الجنوبية حتى سنة 43 بقيادة صلاب الذي احزم مع قائد الحملة الرومانية الثانية، کنایوس هوسدیوس حيطا. ومنذ هذا العهد اصبحت إفريقيا الشمالية كلها ارضا روماني، مقسمة إلى ولايات :

افريقيا: وهي المنطقة التي كان بها القرطاجيون،

- نوميديا: وكانت تطلق على الجزء ش من الجمهورية الجزائرية حاليا.

- موريطانيا وكانت تنقسم الى: موريطانيا القيصرية وعاصمتها شراشال وهي عبارة عن الجزء غ من الجزائر.

- موريطانيا الطنجية: وعاصمتها طنجة وهي عبارة عن الجزء الشمالي من المغرب الاقصى. وقد مر المغرب خلال فترة الاحتلال الروماني بمرحلتين:

ü     من 40م إلى 285 م: تسميها الكتابات التاريخية " بالعهد الروماني المبكر" أو عهد الامبراطوري الأعلى ,

ü     من 285م الى 429م: العهد المتأخر أو العهد الأمبراطوري الأسفل.


تعاريف ومصطلحات

   

 الليمس: عبارة عن حدود داخلية دفاعية أقامها الرومان على الحدود الجنوبية لمناطق نفوذهم، كان الليمس يقوم بأدوار دفاعية واقتصادية وترابية.

 استرابون: جغرافي اغريقي عاش في النصف الثاني من القرن الأول ق.م ، اشهر مؤلفاته " الجغرافيا" ج 17 يذكر فيه بعض الاحداث التاريخية لمويطانيا والشعب والجغرافيا والثروات.

الأكليد: اسم كان يطلق على الملك الممثل للسلطة المركزية عند الممالك النوميدية.

ماسينيسا: أحد ملوك نوميديا حكم مابين 202-148 ق.م حاول توحيد القبائل الأمازيغية القاطنة مابين طرابلس شرقا وخر ملوية غربا، محاولا الاستقلال عن النفوذ القرطاجي عاصمته سيرتا بجبال الأوراس الجزائرية .

میسیبسا: أحد ملوك نوميديا، حکم مابين 148–118ق.م بعد وفاة والده ماسينيسا، عمل على تدعيم التبادل التجاري خاصة مع مناطق شمال حوض البحر المتوسط.

يوغرطة: حفيد ماسينيسا، حكم مابين 118-105 ق.م قاوم محاولات روما للسيطرة على مملكته الا انه في الاخير انهزم وتم قتله.

الدوناتية: نسبة إلى الزعيم دوناتوس (راهب مسيحي عاش بالمغرب أواخر القرن الرابع میلادي) كان يدعو الى المساواة ازم امام الرومان سنة 411 م.


تعليقات