القائمة الرئيسية

الصفحات

 



مقدمة

يعتبر الدين الإسلامي نقطة تحول كبرى بمنطقة شبه الجزيرة العربية حيث تمكن من توحيد الشعوب العربية وإخراجها من حياة التناحر وعبادة الأوثان إلى حياة العزة والتوحيد.

فأين نشأ الرسول (ص) وأين ظهرت دعوته؟

وما هي أسباب هجرته من مكة إلى المدينة؟

وماهي خصائص الدولة التي أقامها النبي (ص) في المدينة المنورة؟

     I.            ظهرت الدعوة الإسلامية بشبه الجزيرة العربية:

1-  نشأ الرسول محمد (ص)

 ولد(ص) من أبوين ينتسبان إلى أشرف بيوتات العرب وأطهرها، فأبوه هو عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قسي بن كلاب بن مرة، ويرتفع نسب قصي الى عدنان، ثم يتصل بإسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام، وهو من ذرية سام بن نوح عيه السلام. يقول (ص) " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفی قریشا من كنانة، واصطفی هاشما من قريش، واصطفاني من بني هاشم". وقد كان جده عبد المطلب سید قریش، والمسؤول عن البيت الحرام، وأمه صلى الله عليه وسلم هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة، القريشية الزهرية، أفضل نساء قریش نسبا وموضعا.

 

قال ابن هشام فرسول الله (ص) أشرف ولد آدم حسبا، وأفضلهم نسبا من قبل أبيه وأمه.

 توفي أبوه ع الله قبل مولده وقيل بعد مولده، وكانت ولادته عام 570 وهو العام المشهور بعام الفيل. وقد عاش (ص) حياة قاسية بما فيها من يتم وفقر، فبعد أن رجع من البادية حيث كان عند مرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، فوجئ بوفاة أمه آمنة، وهو في السادسة من عمره، فكفله جده عبد المطلب، وكان يحبه كثيرا ويفضله على أبنائه ولم يطل زمن هذه الكفالة إذ توفي عبد المطلب والرسول (ص) في سن الثامنة فكفله عمه أبو طالب، وكان شديد العناية به، وكان يصحبه اينما ذهب.

وعندما وصل سن الثانية عشر، خرج مع عمه أبي طالب في تجارة الى الشام وببصري من أرض الشام راه نصراني منقطع في صومعته، يقال له بحيراء وقد اطلع على علامات النبوة وتأكد من أوصافها فأوصى أبا طالب بأن يحتاط له من كيد اليهود، وهذا ما جعله يسرع بالعودة به إلى مكة. وفي هذه الفترة اشتغل (ص) بالرعي، قال " كنت أرعى الغنم على قراريط لأهل مكة" رواه | البخاري.

 ولما تجاوز سنه العشرين، خرج في تجارة خديجة بنت خويلد الى الشام برفقة غلامها ميسرة وقد ربحت تلك التجارة، وشاهد میسرة مدى أمانة النبي (ص) وأخلاقه واستقامته في معاملاته ونظرا لما تمتع به (ص) من أخلاق وإخلاص في القول والمعاملة فإن خديجة بنت خويلد أحبته في ذلك وعرضت نفسها عليه لكي يتزوجها، فتزوجها (ص) وهو ابن الخامسة والعشرين عاما. وهي تناهز الأربعين، وكانت أوسط نساء قریش نسبا وأكثرهن مالا وشرفا، وكانت تدعي في الجاهلية بالطاهرة لشدة عفافها.

 وعندما تجاوز الخامسة والثلاثين سنة، بدأ عليه السلام يحب العزلة من حين لآخر، فكان يختلي في غار حراء، وكان يرى الرؤيا في منامه فتتحقق في الواقع، ولما بلغ أربعين سنة من عمره، نزل عليه الوحي وهو يتعبد في الغار، وذلك في 17 رمضان، وأول سورة لقنها جبريل عليه السلام للنبي هي سورة العلق "اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم".

2-المراحل الكبرى لنشأة الدولة الإسلامية في عهد الرسول ﷺ:

قد انتاب الرسول الخوف والفزع، فرجع إلى أهله وهو يحمل أولى كلمات الوحي ودخل إلى زوجته خديجة فطلب منها أن تزمله، ولما ذهب عنه الروع أخبرها بما حدث له وأظهر تخوفه على نفسه، فقالت: كلا والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. ثم فتر الوحي عن النبي فترة من الزمن، حتى شق عليه ذلك، وحزن حزنا شديدا، إلى درجة أنه كان يخرج إلى الأودية ورؤوس الجبال مرارا، وكان جبريل عليه السلام يظهر له ويقول مخاطبا إياه" إنك نبي" فيطمئن بذلك ويزرع الأمل في قلبه. وبعد مدة كان خارجا كعادته فسمع صوتا، فرفع رأسه إلى مصدره فإذا جبريل بين السماء والأرض فخشي منه رهبة، وأسرع إلى داره يرتجف، فطلب منه زوجته أن تدثره، فنزلت عليه سورة المدثر، "يا أيها المدثر قم فأنذر ، وربك فكبر" وبذلك بدا عليه السلام دعوته إلى الاسلام | كان أول من آمن به عليه السلام زوجته خديجة ثم أبي طالب فزيد بن حارثة، ثم أبو بكر وكان ذا مكانة محترمة في قومه ولهذا قام بالدعوة إلى الاسلام فأسلم عل يده عثمان بن عفان والزبير بن العوام وغيرهم واستمرت هذه المرحلة لمدة ثلاث سنوات أسلم فيها جماعة لهم مكانة في المجتمع المكي، كما أسلم الكثير من الأرقاء والفقراء الذين عانوا من سوء معاملة أغنياء مكة، وعندما كثر عددهم رأى الرسول أن يتخذ لهم دارا يجتمعون معه فيها قصد التعليم والإرشاد فاختار دار أحد المسلمين وهو الأرقم بن أبي الأرقم. بعد حوالي ثلاث سنوات من الدعوة السرية، أمر الله تعالى نبيه بأن يصدع بما يؤمر به قائلا " فاصدع بما تومر، واعرض عن المشركين". ثم أمره بأن يركز دعوته على عشيرته وأقاربه "وأنذر عشيرتك الأقربين، واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين" فأعلن لقومه الدعوة إلى الله تعالى ودعاهم إلى توحيده، فلم يجد منهم ردا ولا مضايقة، ولكنه عندما سفه أحلامهم وصرح بضلالهم وضلال آبائهم وعاب دينهم وذكر أصنامهم بما يكرهون، نفروا منه، واتخذوا منه موقفا عدائيا. وطلبوا من ابي طالب أن يكف ابن أخيه عن سب آلهتهم وتضليل آبائهم أو يخلي بينهم وبينه، الا أن أبا طالب أبي أن يمنعه من تبليغ الرسالة، أو يسلمه إليهم، ثم بدأوا يروجون بين وفود العرب القادمة إلى مكة في موسم الحج أن الرسول ساحر وشاعر وصابئ، ثم قامت كل قبيلة بتعذيب من فيها من المسلمين المستضعفين.

أمام ذلك طلب الرسول من أصحابه بأن يهاجروا الى ارض الحبشة، فكانت أول هجرة في الاسلام، وفي مكة بدأ أزر المسلمين الذين بقوا فيها يشتد ويقوى بإسلام رجلين من كبار قریش مشهورين بالفتوة والنجدة هما حمزة بن ع المطلب عم الرسول وعمر بن الخطاب.

ولما تبين لقريش عدم جدوى محاولاتها الهادفة إلى القضاء على الاسلام والمسلمين قررت مقاطعة بني هاشم وبني عبد المطلب، ومضمونها ألا يصاهروهم والا يتاجروا معهم، أي أنهم ضربوا عليهم حصارا اجتماعيا واقتصاديا، فكان ذلك امتحانا عسير على المسلمين وقد استمرت المقاطعة سنتين وقيل أكثر حتى كاد المحاصرون يموتوا من الجوع وقد مات بعضهم. وقبل الهجرة الى يثرب بثلاث سنوات أصيب بمصيبة عظيمة وهي وفاة زوجته خديجة وعمه ابي طالب فعظمت المصيبة عليه هلاكهما، وطورت قریش آذاها للرسول صلى الله عليه وسلم، ثم جاءت حادثة الاسراء والمعراج وفرضت الصلوات الخمس، وللاتصال ببقية العرب أصبح يغتنم فرصة موسم الحج لنشر دعوته بين القبائل العربية. وفي السنة 11 من البعثة لقي رهطا من الخزوج فدعاهم إلى الاسلام فأسلموا ورجعوا الى قومهم مبشرين بالدين الجديد، وفي الموسم التالي وفد على الرسول (ص) اثنا عشر رجلا من الأوس والخزرج، ولقوه بالعقبة وبايعوه على الاسلام، وعاد ذلك الوفد إلى يثرب يرافقهم مصعب بن عمير ليقرئهم القرآن ويفقههم في الدين ويؤممهم في الصلاة، وسرعان ما اقبل على الاسلام أشراف أهل يثرب وتبعهم العامة من الناس، وفي الموسم الموالي أقبل عدد من المسلمين الجدد من يثرب إلى مكة فاجتمع بهم النبي (ص) بالعقبة فبايعوه وتسمى هذه البيعة ب "بيعة العقبة الثانية " ولما بلغ قریش اسلام من اسلم من الأوس والخزرج، اشتدوا على من بمكة من المسلمين وحرصوا على أن يفتنوهم، فطلب الذين أسلموا من يثرب من الرسول أن ينتقل إلى بلادهم، فأمر الرسول المسلمين بالمهجرة إلى يثرب فخرجوا | مجموعات رجالا ونساء، وأدركت قريش أن خروج الرسول (ص) من مكة سالما، يعني بداية ظهور القوة الاسلامية، لذلك حاولوا قتله لكنهم فشلوا وبذلك هاجر الرسول إلى يثرب وأخدت الدعوة الاسلامية تتقوى.

وأول عمل قام به (ص) بعد هجرته تأسيسه للدولة الاسلامية وبني المسجد، وحاول أن يضايق قريش وذلك باعتراض سبل قوافلهم، وفي هذا الصدد تدخل تلك الغزوات والسريا التي كان هدفها مضايقة قريش وزرع الرعب في قلوب سادتها، وقد استمرت تلك السريا لمدة حوالي أحد عشر شهرا، وأهمها سرية عبد الله بن جحش المعروفة بسرية نخلة، وهي أول سرية وقع فيها قتل وقتال. وهي السرية التي مهدت لغزوة بدر الكبرى.

3- الغزوات اتي قام بها الرسول ص:

 غزوة بدر الكبرى: (رمضان 2 ه) فقد احدث ذلك قلقا لدى المشركين، ومما افزعهم توصلهم بخبر من أبي سفيان الذي كان على رأس قافلة تجارية آتية من الشام مفاده أن الرسول خرج في ثلاثمائة مقاتل من المسلمين بهدف السيطرة على هذه القافلة، فخرج المشركون وعددهم ما بين التسعمائة والألف فيهم أشراف قريش، ولما نجا أبو سفيان بتغيير الطريق نحو الساحل أرسل إلى قريش بأن ترجع إلى مكة، لكن أبا جهل أبى إلا الاستمرار في المسير نحو بدر في حين عاد بنو زهرة إلى ديارهم. وتحرك المسلمون الى ان وصلوا عند بدر، وهو موضع طريق القوافل، به بئر ذات ماء عذب. وبذل أن يجدوا القافلة، وجدوا جيش قریش وهو متفوق من حيث العدة والعدد فأدرك الرسول (ص) أن الله أراد لهم خوض الحرب بدل الحصول على أموال القافلة بدون حرب مكلفة وكان (ص) يحث اصحابه على القتال ويحرضهم علیه امتثالا لقوله تعالى " یا أیها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منکم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون". فاندلع القتال بين المسلمين والمشركين بالمبارزات الفردية ثم هجم المشركون على المسلمين هجوما عاما، صمد له المسلمون، وهم واقفون موقف الدفاع، ثم أمر (ص) أصحابه بالهجوم المضاد محرضا لهم على القتال، وانتهت المعرفة بانتصار المسلمين على المشركين كان من نتائج غزوة بدر أن قویت شوكة المسلمين وتعززت مكانة الرسول (ص) في المدينة وارتفع نحم الاسلام فيها وازدادت ثقة المسلمين بالله تعالى وبرسوله الكريم، ودخل عدد كبير من مشركي قريش في الاسلام والى جانب ذلك كسب المسلمون مهارة عسكرية، وأساليب جديدة في الحرب، وشهرة واسعة في داخل الجزيرة العربية وخارجها، كما أصبح للدولة الجديدة مصدر للدخل من غنائم الجهاد، وبذلك انتعش حال المسلمين المادي والاقتصادي بما أفاء الله عليهم من غنائم أما قريش فكانت خسارتها فادحة إذ لم تكن خسارة حربية لها فقط، بل خسارة معنوية أيضا، ذلك أن المدينة لم تعد تعدد تجارتها فقط، بل أصبحت تهدد أيضا سيادتها ونفوذها في الحجاز كله. فقد تركت غزوة بدر بنفوس أهل مكة المشركين حزنا وآلاما بسبب هزيمتهم ومن فقدوا وأسروا، لذلك صمموا في أنفسهم على الأخذ بالثأر حتى إن بعضهم حرم على نفسه الاغتسال حتى يأخذ بالثأر ممن أذلوهم وقتلوا أشرافهم، وانتظروا يترقبون الفرصة للقاء المسلمين والانتصاف منهم فكان ذلك في أحد.

غزوة بني قينقاع: عندما انتصر المسلمون في بدر أظهر يهود بني قينقاع الغضب والحسد للمسلمين وجاهروا بعدا وتم لهم، فجمعهم الرسول (ص) في المدينة ونصحهم ودعاهم إلى الإسلام وحذرهم أن يصيبهم ما أصاب قريشا في بدر، غير أنهم واجهوا النبي (ص) بالتحدي والتهديد، وهكذا بدأت الأزمة تتفاعل وأخذ العدو يتحين الفرصة السانحة لمناوشة المسلمين، حتى جاءهم فرصتهم الدنيئة عند ما جاءت امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريد وفا على كشف وجهها فأبت، فعمد الصائغ الى طرف ثوبها فعقده الى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها، فضحكوا بما فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهوديا وشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم بالمسلمين على اليهود فغضب المسلمون فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع، ولما علم رسول الله (ص) بذلك سار إليهم على رأس جيش من المهاجرين والأنصار في شوال من السنة الثانية للهجرة، وكان الذي حمل لواء المسلمين يومئذ حمزة بن عبد المطلب، وحين علم اليهود بمقدمه (ص) تحصنوا في حصولهم، فحاصرهم النبي (ص) خمس عشرة ليلة، واستمر الحصار حتى قذف الله في قلوبهم الرعب فخلا رسول الله (ص) سبيلهم ثم أمر بإجلائهم، وغنم رسول الله (ص) والمسلمون ما كان لديهم من مال وهكذا خرج بنو قينقاع من المدينة صاغرين قد ألقوا سلاحهم وتركوا أموالهم غنيمة للمسلمين، وهم كانوا من أشجع يهود المدينة، وأشدهم بأسى وأكثرهم عددا وعدة ولذلك لاذت القبائل اليهودية بالصمت والهدوء فترة من الزمن بعد هذا العقاب الرادع وسيطر الرعب على قلوبهم.

 غزوة أحد: كان للهزيمة الكبيرة في بدر، وقتل السادة والأشراف من قريش وقع كبير من الخزي والعار الذي يحل بهم، وجعلهم يشعرون بالمذلة والهزيمة ولذلك بذلوا قصارى جهدهم في غسل هذه الذلة والمهانة التي لصقت بهم، ولذلك شرعوا في جمع المال الحرب رسول الله (ص) فور عودتهم من بدر، كما أن حركة السرايا التي تقوم بها الدولة الاسلامية قد أثرت على اقتصاد قریش وفرضت عليهم حصارا اقتصاديا قويا. لذلك أخذت سيادة قريش في الانهيار بعد غزوة بدر وتزعزع مركزها بين القبائل لذلك

حاولت أن تحافظ على زعامتها بين القبائل مهما كلفها الأمر من جهود ومال. هذه هي الأسباب التي جعلت قريش تبادر إلى المواجهة العسكرية ضد الدولة الإسلامية بالمدينة، فاستكملت قواها في شوال من السنة الثالثة من الهجرة، وعبأت جيشها المكون من ثلاثة آلاف مقاتل وتقدم الى مشارف المدينة، وكان النبي (ص) يتابع أخبار قریش بدقة وبعد أن جمع (ص) المعلومات الكاملة عن جيش كفار قریش جمع اصحابه رضي الله عنهم وشاورهم في البقاء في المدينة والتحصن فيها أو الخروج لملاقاة المشركين، وكان رأي النبي البقاء في المدينة بينما رأى أحد الصحابي بضرورة الخروج لملاقاة العدو. ثم عزم (ص) على الخروج لملاقاة اعداءه، وفي الطريق انسحب المنافق ابن سلول بثلاثمائة من المنافقين بحجة أنه لن يقع قتال مع المشركين، ومعترضا على قرار القتال خارج المدينة، وكان هدفه الرئيسي من هذا التمرد أن يحدث بلبلة واضطرابا في الجيش الاسلامي لتنهار معنوياته، وضع الرسول (ص) خطة محكمة لمواجهة المشركين وبدأ القتال بمبارزة بين علي بن أبي طالب وطلحة بن عثمان حامل لواء المشركين يوم أحد، فضربه علي بسيفه فقطع رجله، فوقع على الأرض فانكشفت عورته، فالتحم الجيشان واشتد القتال فاستبسل المسلمون واستماتوا في قتال بطولي ملحمي سجل فيه أبطال الاسلام صورة رائعة في البطولة والشجاعة وحقق المسلمون الانتصار في الجولة الأولى من المعركة ولما رأى الرماة هزيمة قريش سارعوا إلى أخذ الغنائم وتركوا مواقعهم ظنا منهم أن المعركة انتهت، ولما رأى المشركون ذلك عادوا إلى القتال من جديد، وأحاطوا بالمسلمين من جهتين، وفقد المسلمون مواقعهم الأولى، وأخذوا يقاتلون بدون تخطيط، فبدأوا يتساقطون شهداء في الميدان، واستطاع المشركون الاقتراب من النبي فرموه بحجر کسر أنفه الشريف ورباعيته وشجه في وجهه الكريم وتفجر الدم منه (ص)، وعاد المسلمون فسيطروا على الموقف من جديد (حمزة بن ع المطلب استشهد في المعركة) ثم انسحب المسلمون الى احد شعاب جبل أحد، وبعد انسحاب المشركين من أرض المعركة أرسل (ص) علي بن ابي طالب لمعرفة اتجاه العدوا، فتبث أنهم متجهون إلى مكة. وعندما سمع (ص) ما كان تعزم عليه قریش من العودة إلى المدينة خرج بمن حضره يوم أحد من المسلمين دون غيرهم الى حمراء الأسد في 15 شوال، وسار إلى حمراء الأسد واقترب بجنوده من جيش المشركين فأقام فيه ثلاثة ايام يتحدى المشركين، فلم يتشجعوا على لقائه، واستمر المسلمون في معسكرهم، ورجع العدو الى مكة، وبعد ذلك عاد المسلمون إلى المدينة بروح قوية متوثبة.

غزوة بني النظير: أحيت الهزيمة التي تعرض لها المسلمين في معركة أحد آمال جديدة في نفوس المشركين بتحقيق مطامعهم، وكان سبب هذه الغزوة ربيع الأول 4 ه، أنهم كانوا عازمين على إغتيال الرسول، فأنذرهم صلى الله عليه وسلم بالجلاء خلال عشرة أيام، فانقضت تلك الأيام ولم يخرجوا من ديارهم، فتحركت جيوش المسلمين صوبهم، وضربت عليهم الحصار لمدة خمس عشرة ليلة، وأمر (ص) بحرق نخيلهم، فضعف حماسهم للقتال وألقى الله في قلوبهم الرعب فأرسلوا إلى النبي يلتمسون منه أن يؤمنهم حتى يخرجوا من ديارهم فوافقهم على ذلك.

 غزوة ذات الرقاع: كانت بعد مرور شهر على إجلاء بني النضير وكان سببها ما ظهر من الغدر لدى كثير من قبائل نجد بالمسلمين، ذلك الغدر الذي تجلى في مقتل أولئك الدعاة السبعين الذين خرجوا يدعون الى الله تعالى، فخرج (ص) على رأس أربعمائة مقاتل وقيل سبعمائة قاصدا العدو ولما وصل (ص) الي ديارهم خافوا وهربوا إلى رؤوس الجبال تاركين نساءهم وأطفالهم وأموالهم ثم عاد رسول الله إلى المدينة.

غزوة الأحزاب (الخندق): شوال 5 ه، سبها أن يهود بنو النضير بعد أن خرجوا من المدينة إلى خيبر خرجوا وهم يحملون معهم أحقادهم على المسلمين، فما أن استقروا بخيبر حتى أخذوا يرسمون الخطط للانتقام من المسلمين فاتفقت كلمتهم على التوجه إلى القبائل العربية المختلفة لتحريضها على حرب المسلمين، فاستجابت قريش وغطفان لطلبهم ثم تابعتهم قبائل أخرى. وقد كان المسلمون على علم بما كان يحدث فاجتمعوا فأشار سلمان الفارسي على رسول الله بحفر الخندق، فثم حفره في شمال المدينة لأنه الوجه المكشوف أمام العدو. فكان ذلك مفاجأة كبيرة لأعداء الاسلام، وكان المسلمون يخشون غدر يهود بني قريظة الذين يسكنون في جنوب المدينة فيقع المسلمون حينئذ بين نارين، وسرت الشائعات بين المسلمين بأن قريظة قد نقضت عهدها معهم واستقبل النبي (ص) غدر بني قريظة بالثبات والحزم، وتزايدت محاولات المشركين لاقتحام الخندق بقيادة خالد بن الوليد، فعمل (ص) على عقد اتفاق مع غطفان على مال يدفعه لها على أن تترك محاربته لأنه كان يعرف أن هدفها هو الحصول على الغنائم. وبفعل صدق ايمان المسلمين وثباتهم تزعزعت قوى الشرك ورجعت مدحورة بغيظها.

غزوة خيبر: كانت في محرم للسنة السابعة للهجرة، ولم يظهر يهود خيبر العداء للمسلمين حتى نزل فيهم زعماء بني النظير الذي حز في نفوسهم إجلاؤهم عن ديارهم، وكان أول تحرك قوي ما حدث في غزوة الأحزاب حيث كان لخيبر وعلى رأسها زعماء بني النضير دور كبير في حشد قریش والأعراب ضد المسلمين وتسخير أموالهم في ذلك، وبعد صلح الحديبية تفرغ المسلمون لتصفية خطر يهود خيبر الذي أصبح يهدد أمن المسلمين (5ھ سبب الصلح خروج الرسول (ص) ومعه 1400 مسلم إلى مكة قصد أداء العمرة، منع المشركين النبي ومن معه دخول مكة لكن اتفق الطرفان على الصلح بينهما لمدة عشر سنوات وقد كان هذا الصلح من البوادر الأولى لفتح مكة). فسار الجيش الاسلامي إلى خيبر بروح ايمانية عالية فلما وصل هرب اليهود إلى حصولهم وحاصرهم المسلمون وأخذوا في فتح تلك الحصون، وهكذا فتحت خیبر عنوة وسقطت في يد المسلمين، فسارع أهلها لطلب الصلح.

غزوة فتح مكة 8 ه: في الحديبية دخل خزاعة في عقد الرسول في حين دخل بنو بكر في عهد قريش، وعند حرب بني بكر وخزاعة عملت قريش الى مساعدة حليفتها وقتلوا 40 من خزاعة، فخرج عمرو بن سالم الخزاعي بأربعين فارسا فقدموا على الرسول (ص) يطلبون نصرته وبلغ عدد المسلمين 10000 ولما بلغ الخبر الى قريش أرسلت أبي سفيان إلى المدينة لطلب الصلح وأمام نقض قریش للعهود مع المسلمين عزم الرسول على فتح مكة وتأديب كفارها، ثم تحرك الجيش نحو مكة وأسرع أبو سفيان حتى دخل مكة قبل أن يصلها المسلمون وصرخ بأعلى صوته يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم فيما لا قيمة لكم فيه فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن، فتفرق الناس إلى دورهم والى المسجد، وأمر الرسول جيوشه أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، فدخلت قوات المسلمين مكة من جهاتها الأربع آن واحد، ولم تلق أية مقاومة إلا من بعض الأشخاص، ونال اهل مكة عفوا عاما رغم أنواع الأذى التي ألحقوها بالرسول (ص) وقد اسلم عدة أشخاص على رأسهم عكرمة بن أبي جهل.

غزوة حنين والطائف: شوال8ه، وكان سببها اتفاق قبيلة هوازن وثقيف على حرب ضد المسلمين وذلك عندما رأوا ما حققوه من نصر وفتح مبين لمكة فجمعوا حشودا كثيرة ونزلوا وادي حنين قبل المسلمين وباغت المشركون المسلمين واهزم معظم الجيش ولاذوا بالفرار، وبقي الرسول (ص) ونفر قليل في الميدان، ومن الأسلحة المادية التي ايد الله بها الرسول يوم حنين تأثیر قبضتي الحصى والثراب التين رمی بهما وجوه المشركين، حين دخل في أعينهم، فكان ذلك من أسباب هزيمتم. وبعد ذلك خضعوا للسلطة الاسلامية.

غزوة تبوك 9ه وهي غزوة العسرة: خرج الرسول لهذه الغزوة بعد العودة من حصار الطائف بنحو ستة أشهر واشتهرت باسم تبوك، نسبة ال مكان وقوعها هو عين تبوك، ولها اسم آخر وهو العسرة وقد سميت بذلك لما لقيه المسلمين فيها من الضنك. أول معركة وقعت بين المسلمين والروم هي معركة مؤثة وكانت في جمادى الثانية من السنة الثانية قبل فتح مكة ومؤثة هو اسم قرية على مشارف مكة.

تعاريف ومصطلحات:

الساقية: توفير الماء للحجاج طيلة أيام الحج.

الرفادة: توفير الطعام للحجاج طيلة أيام الحج.

الحجابة: خدمة الكعبة والاحتفاظ بمفاتيحها.

التاريخ الهجري = 0،97/ 622-

التاريخ الميلادي = (التارخ الهجري *

0،97) +622 .

تعليقات